الحوار اللذيذ

تـينا المومني الرأي المجرد انتقل إلى رحمته تعالى, فلو تحولت من قارئ لتلك الكتب التي تباع بالأكشاك وعلى الأرصفة إلى مثقف بروليتاري وقررت أن تكتب أو تتحدث لا سمح الله, ستقبحك تشابيههم وتقزمك تصاويرهم.

عن الحوار اللذيذ في وطني أتحدث, أدواته يا سادة كرسي و “قنوة” نكهته تهمٌ معلّبة وأبطاله ممن يصدحون بكلمة حوار -أجنتهم المخلّقة من التذاكي- تجعلهم “يهرطقون” حديث كل من تسول له نفسه بالتفكير, فإذا لم يستخدموا أدواتهم تراهم يثرثرون ويضحكون فيصبغوا أفكارك بالشيب ويمنحوك براءةً من كل الأفكار.

في الوعي السياسي لابد من الحوار, وفي السياسة لابد أن يكون لدى الفرد قضية وفي رأسه فكرة قد تولدت من إدراكه لواقع مجتمعه و محيطه, حينها سيعرف الواعي سياسياً حقوقه و واجباته في كل الأنظمة الديمقراطية منها و الدكتاتورية.

بالنظر إلى ما حدث مع المهندس ليث شبيلات الليلة الماضية في مجمع النقابات المهنية بإربد, وما حدث مع رئيس الديوان الملكي مؤخراً، واضح أن التنوع الثقافي والحواري في الأردن لم يسهم في إثراء الهوية، فالتعايش الثقافي يعتمد على مدى الوعي السياسي للأفراد .

للوعي السياسي أعود، والعود أرذل !.. إن الفرد “الواعي سياسياً” يمتلك رؤية سياسية واعية شاملة بما يعتري المجتمع من أزمات وظروف, يدرك من خلالها مسؤولياته و ينقد السلوكيات الخطأ التي من الممكن أن تمارسها السلطات الحكومية, ولكن ماذا عن السلوكيات الخطأ التي يمارسها هو؟ للأسف إن بعض الشخصيات المستقلة التي كنا نأمل أنها واعية سياسياً وسيكون حراكها بالشارع مفتاحاً للتغير, نرى أنها بدأت تركب حافلة الحوار اللذيذ .

فهم، على وجه الخصوص، يتناولون حراكهم -إعلامياً وفيسبوكياً – بخطابٍ سقفهُ أدوات ونكهة الحوار اللذيذ, يجمعهم ” البث المباشر ” الذي يحشد عاطفياً جميع الغاضبين نحو الرابع وتفرقهم مصالح أبطال الحوار اللذيذ ذاته, فتتشكل الصورة الأنيقة للحراك السلمي ولكن! نبحث في زوايا اتجاهاتها الأربعة عن الفكرة والقضية فلا نجد شيئًا محددًا.

قد يدخل “دينمو” الحراك التاريخ من باب التأسيس لحراك شبابي ضد الفساد وانتقاد السلطة ولكن.. على واقع سياسي منقوص مخجل.