الأردن بين تشرينين.. “صقيع البنيتين”

تــينا المومني … حوادث حزينة ضربت المملكة وأبكت الجميع – بين تشرينين – هناك أيضاً ما أزعج شرائح مهدرجة من شعبنا الصبور, نجملها تالياً علنا نحط أصبعنا البرئ ” ليس الأوسط بالتأكيد ” على وجعنا أو على الأقل أن نتعرف على الطريقة التي نستطيع بها الزوغان من مآسي أخرى.

قُضي الأمر، بعد أن أقدم مجلس النواب على رمي الصخرة الثقيلة في البئر العميقة، حيث قفز بعضهم فجأة، للتصويت مع المشروع المعدل لقانون ضريبة الدخل للعام 2018 ، وذلك بعد ان استغرق اقراره 4 جلسات نيابية “اثنتين صباحية ومثلهما مسائية”, وأقر المجلس القرار يوم الأحد الماضي.

مثّلت هذه الخطوة، صدمة للأردنيين بعد أن توقعوا عكس ذلك، لا سيما وهم مشغولون في فكرة تنجيد (مشروع القانون المعدل لقانون الجرائم الإلكترونية)، والتجنيد له، والذي أدرجته حكومة الدكتور عمرالرزّاز على جدول أعمال الدورة الاستثنائية لتبدأ اللجنة القانونية بمناقشته مطلع الأسبوع الماضي.

وبالتوازي، كانت قد سقطت عليهم الصدمة الأولى – وهي أشد وطأةً – ، حادثة البحر الميت والتي وصفت بـ«الفاجعة الوطنية» وكان الوصف صائبًا في تدليله على حجمها المتمثل بموت وإصابة العشرات، وعلى طبيعتها الخاصة نظرًا لأن غالبية الضحايا كانوا من الأطفال , حيث عكست شدّتها، نبرة ردود فعل الشارع الأردني وتلك الآتية من العرب والمسلمين وحتى الغربيين.

ردة فعل الحكومة جاءت متراخية ومثيرة للخجل أيضاً, فلمسناها وكأنها خرجت مستعجلة لتدافع عن نفسها محملة المدرسة مسؤولية حادثة بهذا الحجم, ثم بعد ذلك, جاءت التصريحات الحكومية محمولة على أكتاف التهاون والخذلان, فقد كان من الممكن أن يكون لتلك التصريحات تبعات كبيرة، فقد حرّضوا، بشكل واعٍ أو غير واعٍ، على المدرسة وأصحابها في وقت كان فيه أهالي الضحايا في حالة من الهلع والعصبية المفرطة نتيجة ما أصاب أبناءهم.

ويزيد من هول الصدمة, فاجعة حفرة خريبة السوق الإمتصاصية, فبعد كارثتي السيول في البحر الميت ومادبا التي أودت بحيات العشرات من الأردنيين ها هي كارثة أخرى تضرب العاصمة عَمّان بعد أن لاقى شخصين حتفهما، جراء سقوطهما في «حفرة امتصاصية»، بعمق تجاوز الـ5 أمتار.

وما بين تشرينين لم تقتصر صدمات الاردنين على حكومتهم, هناك الأمين الذي لا يؤتمن فيكذب على الجميع حتى نفسه, يونس قنديل الأمين العام لمؤسسة “مؤمنون بلا حدود”، وابن شقيقته، الذي ادعى تعرضه للاختطاف والتعذيب على أيدي مجهولين، على خلفية مؤتمر كان من المزمع عقده في العاصمة عمان للمؤسسة حول السرديات الإسلامية, فقد ” فبرك” ذاك الأمين فتنةً بلا حدود كادت أن تتحقق لولا براعة نشامى الأجهزة الأمنية التي كشفته.

لا يمكن الفصل أيضاً بين كل ما حدث وبين مستوى الخطاب حوله عبر وسائل التواصل الإجتماعي والذي يعبر عن شخصية الفرد وعن ثقافة المجتمع بشكل عام, والذي طفا على سطح الأحداث فارضا قرقعته على أنف القارئ, فبحادثة البحر الميت ومع الأسف كان هناك من ينشر خطابات ومنشورات تبث الكراهية وتسيء لضحايا الحادثة وذويهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وفي ذات المناسبة، حول 6 أشخاص الى المدعي العام لنشرهم مواد مسيئة.

بنية تحتية, مجلس النواب, قانون الضريبة, قانون الجرائم الإلكترونية, التطاحن الإجتماعي على وسائل التواصل, هي البنية اذاً فوقية تدق على أوتار بعضها مشدودة حتى درجة الانفجار, وتحتية مترهلة بطريقة تستدعي القلق وتستحضر الوجل.