نور شقير.. شهيد مقدسي أعدمه الاحتلال بدم بارد

لم يتمالك والد الشهيد المقدسي نور جمال شقير نفسه، فأجهش بالبكاء بحرقة، فور تلقيه نبأ استشهاد نجله، بعد إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي عشرات الرصاصات أثناء اجتيازه حاجز الزعيم العسكري شرقي القدس المحتلة.

أجواء من الحزن الشديدة عمت منزل عائلة الشهيد شقير في حي وادي الربابة ببلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى المبارك، والتي كانت تنتظر عودته من مكان عمله.

واستشهد الشاب شقير (33عامًا) مساء الأربعاء، متأثرًا بجراحه إثر إطلاق جنود الاحتلال النار عليه على حاجز الزعيم شرقي القدس، بحجة “محاولته تنفيذ عملية دهس”.

بدم بارد

وبصوت يعتصره الألم، يقول والده جمال شقير لوكالة “صفا” إن قوات الاحتلال أعدمت نجله بدم بارد وهو في طريقة إلى منزله بسلوان، وأطلقت عشرات الرصاصات باتجاه مركبته التي كان يقودها، أثناء اجتيازه الحاجز العسكري، ليرحل شهيدًا.

ويضيف “بعد انتشار الصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، شاهدت مركبة مركونة على الجانب الآخر من الحاجز تُشبه مركبة نجلي، فبدأت بالاتصال على هاتفه، لكن دون إجابة، فأسرعت إلى الحاجز لمعرفة الوضع، فوجدت سيارة ابني وقد بدت عليها آثار طلقات الرصاص بشكل مباشر”.

لكن “قوات الاحتلال المتواجدة على الحاجز منعتني من الاقتراب من المكان، وحتى من رؤية ابني نور، بعدما تأكدت من رقم المركبة”.

ويتابع بحرقة “سألت قوات الاحتلال والضابط الإسرائيلي عن الوضع الصحي لنور، فكانت إجاباتهم أنه “بصحة جيدة… وضعه خطير، لقد جرى نقل إلى المستشفى، كانوا يتهربون من الإجابة عن وضعه، حتى أعلن عن استشهاده”.

وعقب استشهاد نور، اعتقلت قوات الاحتلال شقيقه يحيى واقتادته إلى مركز “المسكوبية” غربي القدس، وطالبت من والده التوجه للمركز، للتحقيق معه، كما استدعت شقيقه الآخر أنور.

ويشير والده إلى أن خلال التحقيق معه في مركز “المسكوبية” لم يستطع التحدث بأي شيء، وشعر بالتعب والإجهاد حتى جرى الإفراج عنه، وبعد عدة ساعات من التحقيق أفرجت سلطات الاحتلال عن نجلي يحيى وأنور.

ولم تصدق عائلة الشهيد رواية الاحتلال حول استشهاد نجلها، مؤكدة أن قوات الاحتلال أعدمته بدم بارد، يقول والده “ادعاءات الاحتلال باطلة لا أساس لها من الصحة بتاتًا، نجلي كان في طريقه إلى المنزل لحظة إطلاق النار عليه”.

وما يزيد الحسرة والألم في قلب عائلته، عدم سماح الاحتلال لها بمشاهدة جثمانه، ورفضه تحديد موعد لتسليم الجثمان ودفنه في مسقط رأسه.

صدمة ومعاناة

وأما عامر المحتسب صديق الشهيد نور، فيقول لوكالة “صفا”:” لم نصدق ما حدث مع نور، استشهاده شكل صدمة لكل سكان الحي، الذين جاءوا لتقديم واجب العزاء لعائلته باستشهاده”، مشيرًا إلى أن الاحتلال قتله بدم بارد.

ويضيف “نور كان إنسانًا طيبًا محترمًا، ومن خيرة شباب القدس، يتمتع بأخلاق حسنة، محبوب من الجميع، كان لا يتوانى عن مساعدة أي شخص بالحي”.

ولا تقتصر اعتداءات الاحتلال بحق عائلة شقير على استشهاد نجلها نور، فوجود منزلها في حي واد الربابة الملاصق للأقصى جعلها عرضة لكل أنواع الاعتداءات والقهر الإسرائيلي.

ويتعرض أفرادها للملاحقة والاعتقال، ففي عام 2013 اعتقل الاحتلال نجليه جلال ويحيى، وحكم عليهما بالسجن لمدة 26 شهرًا وفرض غرامة مالية بقيمة عشرة آلاف شيكل، بعد إدانتهما “بإلقاء الحجارة على حافلة ايجد الإسرائيلية وإصابة أحد المستوطنين”.

وفي العام 2014، اعتقل والد الشهيد خلال زيارة نجليه في سجن “بئر السبع – ايشل”، بدعوى محاولة ادخال “شريحة هاتف” للسجن، وأفرج عنه حينها بشرط “الابعاد عن منزله وحرمانه من الزيارة عدة أشهر”.

ومنذ سنوات طويلة، يساوم الاحتلال والد الشهيد للتخلي عن منزله في واد الربابة، من خلال التضيق المستمر عليه، ومحاولة تسريب منزله للجمعيات الاستيطانية، لكنه رفض كل أشكال العروض والإغراءات لبيع منزله، متمسكًا بسلاح الصمود والثبات في القدس.