ماذا يطلب الشباب من الحكومة الجديدة؟

مع التغيير الحكومي الأخير ومجيء حكومة بشر الخصاونة، يعلق الشباب آمالاً على الحكومة الجديدة لجهة تلبية متطلباتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بخاصة والوطنية بعامة.

وهم يأملون بأن تركز الحكومة الجديدة على محاور توجيهات جلالة الملك في إعطائهم دوراً وتمكينهم اقتصادياً وسياسياً، وأن يلمسوها على أرض الواقع والعمل على استثمار طاقاتهم وتوفير فرص العمل وإشراكهم في العمل السياسي ودعم المشاريع الشبابية.

ومما رفع من سقف توقعات الشباب حيال الحكومة الجديدة، ما صرح به رئيسها الخصاونة الأربعاء، في مؤتمر صحفي،، إذ قال إن الشباب «شريك أساسي في عملية التشبيك وصولا إلى ما نصبو إليه وما يصبو إليه قائد الوطن من أهداف».

الالتفات الجاد لآراء الشباب وتجاربهم

ويقول الناشط الشبابي يوسف النعيمات إن آراء الشباب تستحق الرصد والمتابعة والعمل على تنفيذها حقائق في الواقع وأن يشاركوا بفاعلية في حمل مشاعل التطوير والتنمية..

لذلك “يتطلع الشباب إلى تحقيق المزيد من الإصلاحات الشاملة وإلغاء الواسطة في الوظائف والأعمال وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بما يحقق مصلحة الوطن».

ويأمل النعيمات أن تتمتع الحكومة بالكفاءة اللازمة لاستكمال منهج الإصلاح والتقدم لمصلحة الشعب والوطن، وطالبها بحل القضايا التي تخص الشباب وعلى رأسها «البطالة» التي «تؤرق العديد من الأسر.. وكذلك الاهتمام بتطوير التعليم».

ويدعو الحكومة إلى بلورة الإنجازات الشبابية السابقة وجمعها والإفادة منها خصوصا أن كثيرا منها تركت الكثير من البصمات والانجازات في شتى المجالات.

ويحض الحكومة على زيادة الاهتمام بالمجال الصحي «ونحن نخوض تجربة جائحة كورونا.. التي أخرجت لنا الكثير من الخبايا والمشاكل التي لابد من معالجتها».

ويحض النعيمات الحكومة على دعم الشباب اقتصاديا؛ بدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمتابعة المستمرة لهما؛ وبأن تعيد النظر ببرامجها الاقتصادية والتنموية وأن تركز على التشاركية والتعاون بين مؤسسات الدولة وأن تقترب من المواطن.. ويعتقد أن عملها الميداني هو الذي سيكون سبب نجاحها.

ويلفت النعيمات إلى أنه رغم ما يشعر به الشباب الأردني من إحباط وصعوبة في البحث عن مصدر رزق، «إلا أننا نتفاءل بكل ما هو جديد وننتظر الإنجازات على أرض الواقع».

أولوية الصحة والتعليم

الشاب مالك بني هاني، صحفي متدرب، يأمل أن تحرص الحكومة الجديدة على مؤسسات الوطن، وبخاصة المرتبطة بالصحة؛ «بعد ما رأيناه من انهيار واضح للمنظومة الصحية في ظل أزمة كورونا» وأن تعطيها الاهتمام البالغ».

ويلفت بني هاني إلى يعانيه طلبة المدارس من اكتظاظات داخل الصفوف، ويتمنى تأهيل وبناء مدارس جديدة في جميع المحافظات.

وينبه إلى ضرورة أن تعيد النظر برسوم الجامعات وأسعار ساعات البرنامج الموازي على الطلبة، خصوصا أن الكثير من خريجي التوجيهي لا يتمكنون من إكمال تعليمهم الجامعي لصعوبة تكاليف الحياة وعدم تمكنهم من توفير هذه الرسوم.

ويتوقع أن تتحسن العلاقات الخارجية مع بعض الدول، وأن يتمتع الوزراء المعنيون بخبرة اقتصادية تمكنهم من حل المعضلة الكبيرة «وهي إنعاش الاقتصاد الاردني واستقطاب المستثمرين وتخفيض الضرائب والرسوم عليهم ووضع تسهيلات لهم لتوظيف أبناء وبنات الوطن الذين انهكتهم البطالة.

ويطالب بني هاني الحكومة بالإنصاف وعدم التهميش ومكافحة الواسطة والمحسوبية، وأن توفر للشباب الذين لا يملكون رأسمال لإنشاء مشروع، ولو كان بسيطا، «حتى نتمكن من تخفيض مؤشرات البطالة المرتفعة».

الابتعاد عن الشعاراتية

فيصل الصويص، خريج صحافة وإعلام وطالب دراسات عليا بالجامعة الأردنية، الذي يلفت إلى أن مجيء حكومة الخصاونة في توقيت دقيق وحساس؛ «ونحن في خضم معركة حقيقية تقودها مؤسسات الدولة جنبا إلى جنب مع الأردنيين ضد وباء كورونا الذي اجتاح العالم».

وهو يعتقد أنه رغم أن لكل فئة من المجتمع خصوصية وتحديات تختلف عن باقي الفئات، بمن فيهم الشباب؛ إلا أننا أمام تحد عالمي ووباء سريع الانتشار.. فالتحديات والهموم تكون واحدة بالنسبة للجميع».

وينبه إلى أن المشهد العام «مليء بالضبابية وعدم الوضوح في الرؤية.. والطريق أمامنا يحتاج للصيانة.. والأردنيون جميعا يسألون :ماذا بعد؟ وكيف سيكون المشهد في الأيام القادمة؟ وهم يعيشون حالا من الترقب والتوتر».

ويؤشر إلى خطورة الوضع الصحي، ويرى بأن على الحكومة أن توازن بين صحة المواطن وتشغيل القطاعات الاقتصادية واستخدام جميع الأدوات المتاحة للحد من انتشار فيروس كورونا ورفع القدرة الاستيعابية للمستشفيات وزيادة أسرّة العناية الحثيثة مع تزايد أعداد الإصابات المحلية بفيروس كورونا».

ويؤكد بأن أكثر ما يهم الآن هو «أن يكون هناك دراسة للقرارات التي يتم اتخاذها قبل إعلانها للمواطنين».

ويلفت الصويص إلى صعوبة الوضع الاقتصادي، وثقل الحمل على الحكومة..

فنسبة البطالة وصلت إلى ٢٣٪ والدين العام يلامس الـ ٤٣ مليار دولار، ومع حالة الانكماش الاقتصادي التي نعاني منها، على الحكومة بناء خطة واضحة ومتكاملة وقابلة للتطبيق من أجل التعافي الاقتصادي وكسر كل العقبات أمام الاستثمار الوطني والأجنبي وتشجيع المشاريع الريادية ودعمها.

ويدعو إلى تعزيز نجاح القطاعات الصناعية والدوائية، التي كان لها دور إيجابي وكبير في مواجهة جائحة كورونا، والتركيز على القطاع الزراعي والسياحي واستثمار طاقات ومهارات وأفكار الشباب المبدع الذي يعتبر نموذجا بالمنطقة والعالم من حيث الكفاءة والمهارات العالية التي يمتلكها.

ويرى بأن من الأولويات الآن، ونحن على أبواب الاستحقاق الدستوري القادم «أن تسهل الحكومة عمل الهيئة المستقلة للانتخاب حتى تضمن أن تكون الانتخابات النيابية نزيهة وشفافة وحتى يخرج مجلس نيابي قادر على التشريع ومراقبة أعمال الحكومة.

ويركز هنا على ضرورة أن تشجع الحكومة خلال هذا الشهر المواطنين على المشاركه بالانتخابات وبطرق وأدوات غير تقليدية، والأهم «تعزيز دور الشباب بالعملية السياسية والديمقراطية حتى نستطيع بناء قيادات شبابية قادرة على حمل الراية بالمستقبل القريب».

ويعلق الصويص: علينا أن نعترف بصعوبة المهمة وأن الحكومة لا تمتلك العصا السحرية ولديها الكثير من الملفات المعقدة لكن عليها واجب مهم وهو أن تشعر المواطن انها تعمل بكل ما تمتلك من قوة حتى يكون الغد افضل على الاقل».

ويحذر الصويص من سيناريو التعامل مع المواطنين بلغة الشعارات وتشكيل اللجان، ويدعو إلى أن يخرج الوزراء من مكاتبهم وينزلوا إلى الميدان ويصغوا للأردنيين، وعدم ترك باقي القطاعات والتركيز فقط على القطاع الصحي والاقتصادي بحجة كورونا ومحاربة الواسطة والمحسوبية ومكافحة الفساد وترسيخ مبدأ سيادة القانون وأن يدركوا أن الصعوبات ستحل «بالعمل والإنجاز والتفكير خارج الصندوق».

تفاؤل حذِر

وتتمنى رئيسة اللجان الشبابية بمركز الملكة علياء للعمل الاجتماعي في الطفيلة شروق الحمايدة من الحكومة الجديدة أن تتبع نهجا وطنيا قادرا على صنع السياسات التي تخفف على المواطنين عبء الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

وتستدرك بالقول: «لا يوجد أي تفاؤل عالي المستوى حيال أي حكومة».

لذلك، تشدد الحمايدة على أهمية «أن نرى تغييرا على أرض الواقع لنتفاءل؛ فنحن نعلم جيدا ما يعانيه شبابنا المتعلمون من ارتفاع نيب البطالة بين صفوفهم.. ونأمل أن توفر الحكومة مشاريع تنموية في مختلف المحافظات وأن يكون لها دور في جلب الاستثمار وأن تفعّل الخدمة المجتمعية من المشاريع الكبيرة في الجنوب».

أهمية التخطيط المدروس

أحمد عواد، مهندس الطاقة الكهربائية، ويعمل في مؤسسة التدريب المهني، يأمل أن تكون هذه الحكومة على قدر هذه المرحلة وتحدياتها الكبيرة وأن تضع خطة عمل واضحة وفقاً للأولويات المذكورة في كتاب التكليف السامي.

ويدعو إلى ربط هذه الأولويات بمؤشرات قياس للنتائج وبمدد زمنية محددة وأن تواصل بناء الخطط السابقة لترى النور، لتكون مبشرة للأردنيّين، وأن يكون هنالك شفافية وتحري العدالة الاجتماعية».

ويعول عواد هلى أن تكون الحكومة، بما تضمه من خبرات وطاقات، «غير تقليدية». وأن يكون للشباب دور فاعل في صنع القرار والبحث عن الخبرات الوطنية في جميع المجالات، وتعزيز سيادة القانون، والصدق والأمانة.

وكذلك يدعو لتبني مبدأ تعزيز التشاركية مع فئات المجتمع ومؤسّساته كافة، للوصول إلى القرارات الأصوب، وتحقيق النفع العام.

ويوضح دور الاهتمام بالقطاعات الاقتصادية ووضع خطط التعافي من الأزمات المتراكمة، ويدعو إلى الاهتمام بقطاعات الصناعة والتجارة والزراعة «بما يضمن وصولنا إلى الاكتفاء الذاتي، وتعزيز الصادرات إلى دول المنطقة والعالم، وأن يتم الاعتناء بشبكات الطرق والمواصلات العامة وإكمال المشاريع التنموية المتعلقة بهذا الخصوص».

ويذكّر عواد بضرورة تعزيز مشاريع الطاقة المتجددة بما يضمن تخفيض كلف إنتاجها، وإعادة النظر بالأنظمة الضريبية والجمركية والبنكية وتطوير آليات تعزيز التداول التجاري وجلب الاستثمار.

وهو لا ينسى كذلك التوسع في برامج الحماية الاجتماعية ومنظومة التأمين الصحي.

كما يحض الحكومة على الاعتناء بقطاع الشباب والعمل على تعزيز قدراتهم وإشراكهم في صناعة القرار، وإكمال منظومة التحول الإلكتروني التي تساهم في تسهيل وصول المواطنين للخدمات وتوفر الوقت والجهد والمال.

الولاية العامة مكتملة

الناشط الشبابي راكان عصام فاخوري يقول إنه «يتبادر إلى أذهاننا عند سماع كلمة «حكومة» معنى واحد وهو «الولاية».

وهو ما يعني بفهمه: «أن تكون الحكومة ولية على أمورنا وتقوم بواجباتها بشكل صحيح دون تقصير وتخلص للوطن والقائد والأمة».

لكنه، بأسف، يلاحظ أنه مع تعاقب «حكومات طغت عليها الواسطة والمحسوبية وإهدار المال» أصبحت كلمة «حكومة» تمثل «لنا معاني الفقر والجوع والبطالة والفساد والواسطات وكل ما ينافي المعنى الحقيقي وكل ما يتعارض مع واجبات الوليّ على شأن الشعب والبلاد».

لذلك، بتقديره، «حقوقنا أصبحت أمنيات نتمناها من الحكومات المتعاقبة بسبب الثقة التي اختلت بين المواطن والحكومة».

ويرى فاخوري أن «من حقنا أن ننعم بحكومة تلبي احتياجاتنا وتعالج مشاكلنا وتعزز ثقتنا بها، وأن يكون شخوصها على قدر عال من الكفاءة والمسؤولية والنزاهة، وأن تعالج مشاكل البطالة وأن نتخلص من هذا الوحش المدعو «الفساد»؛ الذي أرهق مؤسساتنا ونهشها وسلب أموال الشعب وتسبب ببيع مقدرات الوطن وسرقات للأموال العامة».

ويقول فاخوري أن «أمنيات الأردنيين بسيطة، وهي تتجسد في أن تعود هذه الثقة وأن نصبح معتزّين بحكومة تقوم بدورها وواجباتها الموكولة إليها بأمانة.

ويرجح أن «تعاقب الحكومات التي أفقدتنا الثقة أصبح تفاؤلنا بما يليها قليلا.. ولكننا نؤمن تماماً بوجود أشخاص مخلصين للوطن حريصين عليه وعلى أبنائه وعلى حمل الأمانة بمسؤولية».

“الرأي”