بعد “قانون الغاز”.. هل فرغت جعبة النواب؟

عمان – بعد ان دحرج النواب كرة “الغاز الملتهبة” إلى حضن الحكومة، وبعد اختتام مناقشات الموازنة العامة للدولة التي شهدت خطابات اشبعت الحكومة لطما وفازت الاخيرة بالإبل، عادت جبهة مجلس النواب الساخنة الى هدوئها.
ويؤكد مصدر نيابي مطلع أن المجلس لم يعد لديه اي اعمال حتى ختام الدورة العادية الرابعة وهي الاخيرة، التي تنتهي عمليا في التاسع من ايار (مايو) المقبل، باستثناء مناقشات عدد من القوانين، لتسدل الستارة على أربعة أعوام حقق فيها المجلس النيابي افضل انجازاته.
ويشير إلى أن مجلس النواب يشعر بارتياح كبير بعد ان انهى ملف “الغاز الإسرائيلي” بهذه الطريقة، فيما تستعد الحكومة لتحضيرات وجلسات عصف ذهني لتدارس ملف الطاقة بشكل عام ومراجعة اتفاقياته، فضلا عن التحضير للوجبة الخامسة من حزم دعم الاقتصاد.
من جانبه، يقول مسؤول حكومي، طلب عدم نشر اسمه، ان الحكومة “بصدد مراجعة ملف الطاقة وأن هناك ايعازا من رئيس الوزراء لمراجعة كل الاتفاقيات المبرمة مع وزارة الطاقة والشركات المتعاقدة معها فضلا عن مراجعة أسس واجراءات التراخيص وغيرها”.
ورغم تخلص النواب من ملف “اتفاقية الغاز” مرحليا، الا ان ردود الحكومة التي تشير الى الحاجة الى مزيد من الوقت لدراسة المقترح وإعداد أسانيده القانونية والدستورية، ومراجعته مع الاتفاقية، تؤكد ان الرد الحكومي لن يكون في الدورة النيابية الحالية فضلا عن تصريحات وزراء من بينهم وزير الشؤون السياسية والبرلمانية موسى المعايطة الذي اكد ان “الرد على القانون لن يكون في الدورة الحالية للمجلس”.
وتكشف مصادر برلمانية عن ان المجلس النيابي حال انتهاء مجلس الاعيان من التصويت على “الموازنة” وإقرارها والقوانين التي يدفع بها مجلس النواب اليه “سيكون قد بدأ الشوط الثاني من التحضيرات للانتخابات النيابية”.
وتتابع أن “حمى الانتخابات النيابية بدأت الآن رحاها في المجلس حيث يعكف نواب على اجراء مراجعات لاتفاقات يزمع اجراؤها في المرحلة المقبلة”، متوقعة ان يترشح للانتخابات نحو 60 % من اعضاء المجلس الحالي على أمل للعودة الى قبة البرلمان”.
في حين اعلن عدد من النواب عن عدم رغبتهم بالعودة الى المجلس او المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة.
إلى ذلك، يؤكد نائب ان “الاعلان عن موعد الانتخابات المقبلة سيعيد الدورة الاقتصادية في الاردن ويضخ اموالا كبيرة في الاسواق وبين الناس”، موضحا ان اي انتخابات “سيضخ فيها ما لا يقل عن 150 مليون دينار ومن شأن ذلك ان يحرك الاسواق ويعيد الحياة الى مفاصل الاقتصاد وقطاع الخدمات”.
بيد ان الغموض ما يزال يكتنف موعد رحيل مجلس النواب، وبالتالي الحكومة، حيث تضعف قوة السيناريوهات المنادية بالتمديد لمجلس النواب او بقائه لإكمال المدة الدستورية التي تنتهي في السابع والعشرين من ايلول (سبتمبر) لصالح السيناريو المنادي برحيل المجلس خلال اقل من شهرين.
وفي المقابل، يكشف برلماني عن ان المجلس “سينهي اعماله فعليا في التاسع من ايار (مايو) المقبل، وهو ما يسمح للحكومة بالبقاء فترة اطول بعد العدول عن فكرة التعديلات الدستورية على المادة 74 من الدستور والتي تمنع بقاء الحكومة بعد التنسيب بحل مجلس النواب”.
مصدر نيابي آخر وثيق الاطلاع يوضح ان “الدولة تنتظر ما سيسفر عن الانتخابات الاسرائيلية المزمع اجراؤها في آذار (مارس) المقبل لتحسم بقاء المجلس من حله”، الا ان وزيرا سابقا في الحكومة يقلل من أهمية هذا الطرح، مشددا على ان “تفكير الدولة يعمل بشكل مختلف ولا فارق لديه اذا ما افرزت الانتخابات الاسرائيلية بنيامين نتنياهو ام غيره” في اشارة الى “اوراق اردنية يمسك بها الساسة الاردنيون اذا ما اقتضت الحاجة، ولا ينتظر بقاء المجلس النيابي أو رحيله ليحدد موقفه”.
ويتابع ذلك الوزير أن اولويات المرحلة القادمة للحكومة تصب في محاولة الحد من التحديات الاقتصادية ومعالجتها وجذب الاستثمار وخاصة في القطاع السياحي الواعد، معتبرا انها مهمة الحكومة التي لم تنته بالتزامن مع برنامج التصحيح الاقتصادي مع البنك الدولي الذي يسير ببطء ولكن ضمن المتفق عليه، وهذه هي مهمة الحكومة القادمة، في حين سيستمر البرنامج الاقتصادي الحالي للأعوام المقبلة.
ويتوقع ان تجرى الانتخابات النيابية في أيلول (سبتمبر) المقبل، لافتا الى وجود العديد من المؤشرات من بينها الاستعدادات الحكومية بإعداد كشوفات الناخبين والرصد في الموازنة العامة لإجرائها بمبلغ وصل الى 16 مليون دينار، فضلا عن بدء اختيار الموظفين العموميين المشاركين فيها.
وفي المحصلة تبقى السيناريوهات الثلاثة السابقة ممكنة التحقق في ظل استعدادات النواب لخوض غمار معركة جديدة مع الشارع بغية الحصول على الصوت الانتخابي، بدليل أن نوابا ركزوا في الفترة الاخيرة على استمالته من خلال تبني قضاياه ومنها التوقيف الاداري والغارمين، والطلب لإجراء تعديلات على قانون التنفيذ او ايجاد آلية جديدة للحد من حبس المدين، إضافة الى قضايا مطلبية كالتعيينات والوظائف وغيرها مما تحتاجه القواعد الانتخابية.
وفي موازاة ذلك، ستهدأ حدة النقد للحكومة ووزرائها وتعود المياه لمجاريها بين النواب والحكومة مع قرب رحيلهما بانتظار فصل دستوري جديد.