كيف صَلّى الموت بالفجرِ مَغْرِبَه!؟

تــينا المومني… وبعد حين.. ياليت موعدَهُ لم يأتِ بعدْ، كانت عيناها الأشّدُ حيرةً بيننا، وهي تواري رعشة خلف يديها، لحظة التَقَطَتْ شفتاها ما تيبس من الألم ولم تفصح عن شيء خبأتهُ معها، أطفأتْ إصرارها على خاطرتها التي لطالما عَوَلْتُ عليها طرد نيتها بالموت ولو قليلًا، فهي التي “يفاجئها القدر بكثير من المصادفات، أحياناً تشعر بأنه يداعبها.. وأحياناً تشعر بأنه يسخر منها”.. قالت حنان.
أعلم أنكِ لم تختاري بيننا وبين الذهاب، إلا أن ذاك الفجر عجز عن ولادة حل يرضيكِ، فلملمتِ أفراحنا وما تعثر من أمنياتنا ودعيتنا لمنزلك في موعدٍ ليس لنا، حيث لا ينتظرنا هناك أحد، وخوفاً من التأخير ارتديتُ أسوَدَ أيامي ووصلتُ بحسبِ توقيت التراب، وأتَيتِ فوق سواعدهم، تُحكمين رداءكِ الأبيض برفق حولكِ كعروسٍ لم يعد ماء النهر لها مرآةْ، فركضتُ نحوكِ لكي أسبقهم جميعاً، علّي إذا هززت رأسك استيقظتي بمحاولة ضعيفة مني لإنكار يومٍ ليتَهُ – حينما رائحة الموت راودَته – طمسني بدل أن يكويني.
تأملت في عينيك، واعترفتُ لك بذاكرة سنواتنا وأنا أزجر الآهة، وبغصة أخنقها عن أمي المنهكة المرتمية أمامك على أقرب مكان استطاعت تحسسه.. سألتك: “آه يا صديقتي.. آه يا اختاه .. آه يا أمّاه، هل تشعرين بالبرد؟ .. لم تجيبي ولم تدفئك دمعة حارة، مؤلمة كوجعي، كانت قد انحدرت مني فوقك، استحلفتك بالله أن تعودي -لأنك نائمة- فكَيْفَ نُوْقِنُ الآن مُنْتَهَاك ؟!!
أربعون يوماً مرت على نومك وما زالت نكهة كل شيءٍ معك تغرينا، أَرَأَيْتِ فيها كَيْفَ دماؤنا تَثُوْر..تسْخَط، وتسْتَفِيْض … تقَايِضُ القدر، تقايض الأحياء منهم و الأموات، فَلاَ مَلَّ القَدَر،أَوْ تَشَظَّى مِنْ دُعاء ..!
وما دامت شمس حضورك باقية، نستلّ من ندى فصولك حلاوة الأيام حين تمر -ذات عجلةٍ- فوق الزمان والمكان… وما دام غيابك ككسوف الشمس لن يُسأل عَمَّنْ سَبَّبَهْ.. كيف صَلّى الموت بالفجرِ مَغْرِبَه!؟