عً هدير البوسطة

دراما حكومية

تــينا المومني… من نافلة القول إن الحكومة قد ضاق بها ذرعاً – وبنطالاً – بالعديد من الأمور أبت إلا أن تهضمها وإيانا بقليل من الدراما، لست متأكدة إن كان تصوري عن هذا الشيء بمكانه أم أني في ضلال مبين، فالراجح عندي أن فكرة المتسوق الخفي مستوحاة من مسلسل يوميات مدير عام حيث عُين الدكتور أحمد، مديرًا عامًا لمؤسسة حكومية ثم استعان بصديقه المخرج وحيد كي يتنكر بعدة أشكال بهدف إصلاح الفساد الكبير المستشري داخل المؤسسة، ومن هذا التصور وجدت نفسي أكره الدوام وأمه و أخته خصوصاً الاستيقاظ باكرًا، فهذا هو “خبث الخبائث”، ويزداد خبثه كلما لاعبت ابني الذي “يشزرني” بنظراته -وهو بفراشه ملتقماً رضعته- ثم يسألني:” ماما .. دوام؟” فأقول له نعم فيشيح بوجهه عني، وأذهب أنا إلى دوامي – شأني شأن الموظفين جميعاً – المحتسبين أجرهم على الحكومة لقضاء بعض حوائجهم الشهرية.

هذا الصباح تحديداً عندما ذهبت إلى دوامي – أجتر خيبتي – سألني أخواني الموظفون – عظم الله أجرهم جميعاً- عن سبب ” كشرتي” فأخبرتهم بأنني لن أستطيع النوم على مكتبي و التمرغ بين الأوراق فوقه وبأنني أفكر بكيفية المناضلة بالعمل فيما لو أتى متسوق خفي على هيئة مراجع، لم أشأ أن أخبرهم بأنني أشعر بالخيبة لأنني تعرضت للضرب، وعلى أنفي أيضاً من ابني الذي نظر إلي شزراً وأنا استمع لطبيب مستشفى الإسراء وهو يقول لي ضاحكاً على فعلة ابني :” مبروك .. عندك 3 كسور بأنفك”، تباً لقد تعرضت للضرب ولم أحصل من الحكومة على ترقية أو علاوة أو حتى ” كرتونة بيض”، لذلك فكرت – وعلى سبيل الدراما – في سؤال المضروبين كافة – وكأنهم ينتظرون سؤالي!- ماذا لو افترضنا أن أحد المعتدين على تلك الطبيبة في مستشفى الأمير حمزة هو متسوق خفي وقد اندمج في المشهد حد الجنون -لعدم توفر سرير لمريض بحالة حرجة- حتى نسي دوره وانفعل من ثم صفق المشاهدون قائلين للمخرج :” منك أنفك وإن كان أجدع”، ثم ماذا لو افترضنا أن الحكومة قد عينت طبيباً آخر يفرِّغ فيه المراجعون غضبهم عندما لا يجدون أسرَّة لمرضاهم، فيحل بذلك مشكلة الطبيبة ويجبر أنفها وخاطرها وخاطر الأطباء جميعاً.

ما حدث بالأمس في دائرة الأراضي والمساحة استفز كل ما بداخلنا من غل تجاه هذا المتسوق الخفي، فصديقنا- مش عاجبه العجب ولا الصيام برجب- وكأنه يخفي على هذا المتسوق أن القطاع العام بأسوأ حالاته ولن ينقذه إلا مضاعفة موازنة القطاع وتأهيل موظفيه وتمتينهم ورفع أجورهم ووقف التعيين على مبدأ الهبات.

أيها المتسوق الخفي .. كن صديقي! فلا داعي أن أشمر عن مفرداتي كي أخبرك على من يجب أن تتخفى ولا داعي أن أقرأ عليك تشكيلة اللاعبين الأساسيين في مباراة الفساد، الذين لعبوا وسيلعبون دونك، فأنا أريدك ذكياً وليس خفياً كي نعوض كل ” الخوازيق” التي أكلناها بعقر ملعبنا.