قطر بين "داحس والغبراء "..عدنان نصار
يتسائل العقل لماذا الغٌل على دولة قطر الشقيقة بلغ الى هذا الحد ، من قبل دول حصار الخامس من حزيران ؛ولم تترك الدول اياها في قاموس تازيم المواقف ،لا شاردة ولا واردة الا ووظفتها بقصد النيل من قطر ، لكأن (قطر) هي المحرك الرئيسي لكل هذا الخراب العربي ،والكوني الذي يغلف الجغرافيا الاممية .
لم تترك الدوحة ، فرصة واحدة في علم السياسة والادارة ونبل”الاخٌوة” الا ووظفتها للخروج من الازمة باسلوب حواري راقي يعكس جوهر الانسانية ونبل السياسة، غير ان دول الحصار ما زالت تصر على اجراء جولات وصولات واعتلاء المنابر المتاحة لها ، حتى وصلا الى ضفاف “الاطلسي” و”الهندي” و”المتجمدين ” الشمالي والجنوبي في محاولة بائسة لتشويه سمعة قطر الشقيقة التي اتخذت موقف المدافع عن سيادتها امام هجمة لم يشهدها التاريخ السياسي العربي الحديث مذ قتل “الليث الرهيص ” لعنترة بن شداد في داحس والغبراء.!
وعلى الرغم من الوساطات التي تعددت اشكالها ، تصر دول الحصار على تأزيم الموقف مع الشقيقة قطر ، دون اي اعتبار لمسار تاريخ “الأخٌوة” وحسن الجوار ، والقيمة النبيلة للحوار وما يحمله من مقاصد للخروج من الازمة “المفتعلة” التي ترفع منسوب الخطر في الخليج والمنطقة العربية من اليابسة الى الماء ..فالتطور السريع ، وما يدور في غرف مغلقة بهدف النيل من قطر ، قفز الى ما هو ابعد من “أزمة” ،واكبر من التأزيم ، بعد اصرار دول الحصار على المضي قدما بنفس المسار السياسي الخاطيء ، وخصوصا بعد ان استجابت قطر لكل اصوات الحكماء والعقلاء منذ اندلاع الازمة في الخامس من حزيران الماضي ، والحديث مع كل اطراتف الوساطة بذهنية سياسية مرنة تعكس تمسك قطر بالحل الخليجي والعربي لازمة تسعى دول الحصار الى تدويلها .
الاردن الرسمي ؛ وان بدا عليه التحفظ في التصريحات الاعلامية حيال الازمة الخليجية ، غير ان الضمير السياسي الرسمي بمستوياته المختلفة ،يقف على مسافة واحدة لاسباب سياسة واقتصادية املتها ظروف صعبة على الاردن ، مع ادراك الاردن الرسمي بضرورة الحوار للخروج من الازمة وحصرها داخل البيت العربي والخليجي ..فيما يذهب الاردن الشعبي بغالبية مكوناته في موقفه باتجاه الدوحة رافضا لحصار قطر ومحاصرتها منذ بدء الازمة .
الفوضوية الاعلامية ، التي تديرها دول الحصار ، لم تنجح في اخراج الضمير الشعبي العربي من دائرة الايمان بالموقف وادخاله في دوائر “الشرك السياسي “ولم تتمكن الادوات الاعلامية تلك من منع الاصطفاف العلني في دول تحترم الرأي وحرية التعبير ،والتفاف شعبي سري حول قطر في دول تحبس مواطنيها على تغريدة او “بوست” وتحرمهم حق التعبير ؛في محاولة من اعلام الدول ذاتها الى اعادة صحافة واعلام “السلطان ” ومصادرة واختطاف صحافة “معدومي الحقوق” لصالح صحافة “الرعاع” .
الناس ؛ صنٌاع التاريخ ؛ وهم الذين يسمٌدون التربة تمهيدا لزرع مقبل ، فالذي يجري في المنظومة الخليجية تأثيراته ليست بمنأى عن المنظومة العربية ، وما يحاك في صالونات السياسة المناوئة لقطر لا يستهدف قطر فحسب ، بل يتعدى الامر الى ما هو ابعد من ذلك ..ربما اضعاف دول عربية لصالح دول عربية اخرى تستقوي بالاحتلال الاسرائيلي .!
نجحت قطر ؛ في قلب المواقف رأسا على عقب بحرفية سياسية ، ولغة راقية مؤمنة بالحوار ، وتؤمن الدوحة بضرورة نقاء ذاكرة التاريخ للاجيال المقبلة ، ومن هذا المنطلق تسعى الى صون خط المستقبل الشعبي والعربي الخليجي بعيدا عن ملوثات الكراهية والحقد ، عبر “السوشيال ميديا” او غيرها ..
نجحت قطر في تلبية كل نداءات العقل ، ومناداتها للجلوس حول طاولة الحوار ، والتفكير بمسؤولية وحس اخوي للخروج من ازمة ، تعيد بناء ما هدمته ايام ما بعد الخامس من حزيران الماضي ،تنادي الدوحة بالحكمة على الرغم من جور ،وضيم لحق بكعبة المضيوم ، من منطلق ايمانها بعدالة قضيتها ..
في ظل هذا كله ؛ لا بد من الاصغاء لصوت العقل ،وتوظيف الحكمة كبديل للمناكفات الحكومية من لدن دول الحصار ،وتأطير الازمة في بيتها الخليجي العربي ؛ وان لا تبقى الأزمة مثل الرجل الذي يقاتل ظله ؛ فمعابر الحوار مفتوحة ، ومنافذ الحلول متوفرة ، والمرونة في الموقف السياسي عند الدوحة موجود ؛ بعيدا عن المساس بسيادتها وكرامتها الوطنية.
ستبرهن الايام بعد زوال الازمة ؛ ان قطر على حق ،وان استمرار دول 5 حزيران في المضي نحو التأزيم والتصعيد وتوظيف النعرات القبلية في الازمة ،هو امر فارغ من المحتوى والمضمون ، وغير مقبول في علم السياسة .
نخشى ، ان لا يموت الذئب ، و..تفنى الغنم ، وتصبح “المراعي” للذئب وحده يصول ويجول ويرتع كما يطيب له ، ونخشى ان يخرج التاريخ من جلده ، ويجف مداد قلمه ، ليكتب أسوأ مما كتبه تاريخ المستعمر الاجنبي القديم ، ونخشى ان تمحو الازمة غير المبررة كل اثار “الأخٌوة” ، وتغيير مسار أدبيات الجوار ونبل الحوار ..نخشى ؛ان يوبخٌنا التاريخ بما هو أسوا من داحس والغبراء.!!